ايران بالعربي – الكاتب والباحث في الشؤون الايرانية “مجتبى علي حيدري”:  (ما لا يدرك كله لا يترك جله) إنطلاقا من هذه الحكمة تبنت حكومة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي استراتيجية جديدة في التفاوض مع الغرب حول الاتفاق النووي قائمة على أساس تجزئة الملفات بعد تعثر محادثات إحياء الاتفاق النووي بشموله.

فقد تم الإعلان عن صفقة تبادل السجناء بين إيران و الولايات المتحدة بعد سلسلة مفاوضات دامت لأكثر من 18شهرا، وقد تناولت وسائل الإعلام بنود هذه الصفقة قائلة إن عملية تحويل السجناء التي سوف تستغرق ما بين شهر إلى شهر و نصف، ستمكن طهران من استخدام الأموال المفرج عنها لتوفير احتياجاتها الداخلية من البضائع والسلع غير المشمولة بالعقوبات الأمريكية كالمواد الغذائية والأدوية والمعدات الطبية ومايحتاجه الشعب حسب المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، وهذا يعني أن إيران تسعى إلى توسيع قائمة السلع لتشمل قطاعات مدنية أخرى!

الحكومة الإيرانية تدرك أن الأموال المفرج عنها التي ستبلغ بأعلى تقدير 15 مليار دولار لن تحل مشاكلها الاقتصادية العميقة، إذ إن حجم الاقتصاد الإيراني وفقا لآخر لائحة ميزانية لحكومة رئيسي يتجاوز أربعمئة وثمانين مليار دولار أمريكي، لكنها أدركت أيضا أن الحظوظ الانتخابية للديمقراطيين في الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة، متدنية وأن البديل سيكون أكثر صرامة تجاه إيران، خاصة أن إدارة بايدن لا تملك الشجاعة الكافية للدخول مع طهران في صفقة شاملة لإحياء الاتفاق النووي، وأن تحرير السجناء الأمريكيين بإمكانه أن يرفع من الحظوظ الانتخابية للديمقراطيين.

المفاوض الإيراني الذي أظهر مهارته في سياسة تجزئة الملفات، يسعى أيضا لجعل هذا الاتفاق بداية لتفعيل الوساطات، وحث الحكومة الديمقراطية على إنجاز صفقة جديدة تشمل اتفاقا كليا أو جزئيا لإحياء المفاوضات النووية والتمهيد لعودة غير مباشرة أو مباشرة إلى طاولة المفاوضات قبل بداية الحملات الانتخابية التمهيدية في الولايات المتحدة في شباط 2024.

ومن المفترض أن يفضي الاتفاق الجزئي إلى تجميد طهران برنامجها النووي عند الحد الذي وصلت إليه، مقابل رفع بعض العقوبات الأمريكية المتعلقة ببيع النفط الخام الإيراني ومشتقاته.

إن تنفيذ عملية تبادل السجناء بين طهران وواشنطن، قد يفتح الباب عملياً لتواصل مباشر بين الطرفين، كما ستوفر مشاركة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، فرصة ذهبية للطرفين من أجل إستكمال التفاهمات، خاصة بعد تأكيد طهران أن العلاقة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية جيدة وتسير في الاتجاه الصحيح.

وضع تعليق

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا