ايران بالعربي – الكاتبة العراقية “فاطمة عواد الجبوري” في مقال لـ”ايران بالعربي”:

لم تمر أكثر من 24 ساعة على تعرّض منشأة “نطنز” لهجوم يُعتقد انه اسرائيلي، حتى قامت إيران بضرب سفينة إسرائيلية بالقرب من سواحل الإمارات.

من وجهة نظر تحليلية لا أعتقد بأنّ ايران تنظر إلى هذا الهجوم على أنه رد على هجوم نطنز، ولدينا العديد من الأسباب التي تدفعنا إلى الاعتقاد بذلك أهمها:

أولاً: تدرك إيران جيداً بأنّ عملية نطنز هي عملية معقدة للغاية، ولا يمكن اعتبارها تصرف أحادي الجانب من إسرائيل.

كما يدرك المسؤولون الأمنيون والحكوميون في إيران بأنه إن لم يكن للولايات المتحدة يدٌ بهذا الهجوم فهي على أقل تقدير كانت على إطلاع بتفاصيله، خصوصاً إن هذا الهجوم تزامن مع زيارة وزير الدفاع الأمريكي إلى تل أبيب.

والإيرانيون بطبيعتهم ليسوا سُذّجاً كقادتنا العرب فهم وجهوا الخطوة الأولى في الرد إلى الرأس الكبير أو كما نقول بالعامية إلى “الثور الكبير”، وذلك من خلال الإعلان عن تخصيب اليورانيوم بنسبة 60 بالمائة. وهي تتجاوز بهذه الحركة كل الحدود والخطوط الحمراء في الاتفاق النووي الذي ترغب الولايات المتحدة بالعودة إليه.

ثانياً: بعد كل اختراق أمني تعرضت له إيران على سبيل المثال: الهجمة التي تعرض لها مفاعل نطنز في عام 2019، ومن ثم اغتيال العالم النووي فخري زادة، ظهر نوعين من الآراء حول طبيعة الرد ومداه. فقسم من المسؤولين رأى أن مبتغى إسرائيل هو جرّ الولايات المتحدة وإيران إلى الحرب المباشرة لذلك يجب أن يكون الرد مدروساً بحيث لا يتسبب بحرب شاملة.

والقسم الأخر رأى بأنّ الاعتداءات الإسرائيلية تكررت وهذا يضرّ بالهيبة الإيرانية وعليه ينبغي الرد بشكل حازم. هذه المعادلة تغيرت بالكامل بعد الهجمة التي تعرّضت لها المنشأة النووية “نطنز” قبل يومين.

فالمتابع للصحافة والشارع الإيراني يستطيع التوصل إلى نتيجة مفادها بأن الشارع الإيراني بكل مكوناته وبكل أطيافه المحافظة والإصلاحية والشعبية يطالب برد حاسم وعنيف ضد الاعتداءات الإسرائيلية. وعليه فإنّ استهداف سفينة إسرائيلية لا يعتبر رداً كاملاً بل هو جزء من رد قادم.

ثالثاً: في مراجعة سريعة للتوترات بين العدو الصهيوني وإيران، نشاهد بأنّ إيران لا تعتبر الهجمات السيبرانية ضد العدو الصهيوني رداً كافياً. ولذلك حين يطالب القادة الإيرانيون بالرد فهم يطالبون برد عسكري تقليدي داخل الأراضي الإسرائيلية ولا يشيرون إلى هجمات سيبرانية أبداً.

وهم وللذاكرة، لطالما استهدفوا مؤسسات إسرائيلية بهجمات سيبرانية أدت إلى شلل هذه المؤسسات على سبيل المثال لا الحصر الهجمات السيبرانية الإيرانية ضد محطات الكهرباء والمياه وأنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية.

رابعاً: تدرك إسرائيل ومسؤولوها اليوم بأنّ الرد الإيراني سيكون حاسماً وموجعاً.
وهذا ما دفع بظهور الخلافات والاتهامات المتبادلة داخل الحكومة والمسؤولين الإسرائيلين حول عملية تسريب المعلومات بشأن نطنز.

إذ طالب وزير الدفاع الإسرائيلي بفتح تحقيق بشأن تسريب المعلومات. بينما اتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق “أولمرت” اتهم نتنياهو بأنه يقف خلف هذه التسريبات.

ختاماً، إن مغامرات نتنياهو في سبيل التخلص من قضايا الفساد التي تلاحقه وجشعه اللامتناهي بتشكيل حكومة جديدة في إسرائيل دفعه إلى تسريب معلومات حول الهجوم ضد منشأة نطنز الإيرانية.

وأما الجانب الإيراني فنحن متأكدون تماماً من أن ردّه سيكون مزلزلاً عنيفاً داخل الأراضي الإسرائيلية دون شك. ولكن في الوقت نفسه لن يكون هذا الرد متسرعاً وعجولاً فنحن لم نعتد ـأن تنجر طهران إلى فخاخ إسرائيل.

وما استهداف السفينة الإسرائيلية قبالة سواحل الإمارات إلا جزء يسير من الرد القادم حيث لن ينفع إسرائيل الندم أبداً على تخطي حدودها.

وضع تعليق

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا