تعيد ذكرى وفاة الامام الخميني، في 3 حزيران/ يونيو 2020، والمتزامنة هذه المرة مع الاحتجاجات التي تشهدها الولايات المتحدة ودول عدة، بعد مقتل الأميركي الأفريقي جورج فلويد على يد الشرطة الأميركية، الإضاءة على أصل صراع الجمهورية الإسلامية مع الولايات المتحدة، والتي اتخذت أشكالاً عدة منذ تفجر الثورة عام 1979 (سياسية، دبلوماسية، عسكرية، اقتصادية)، وذلك على خلفية محاولة الإمبراطورية للمحافظة على هيمنتها على المملكة الإيرانية التي كانت تجد فيها تابعاً مخلصاً لإدارة البيت الأبيض. 

كان الخميني يرى في الولايات المتحدة نموذجاً لعدد من المثالب المتمثلة بالاستكبار، والهيمنة على القوى الضعيفة، سواء أكانوا دولاً أو جماعات دينية أو عرقيةـ، أو غيرها.

وهذا بالتحديد ما جعله يرفع شعاراً معارضاً أصله “نصرةً المستضعفين”، الذين قد لا يجمعهم دين أو عرق أو هوية واحدة، وإنما “الاستضعاف” بوصفه عنواناً شاملاً، ولهذا قال السيد الخميني ذات مرة: “نحن لا نريد أن نظلم أميركا، ولا نريد أن نخضع لظلم أميركا، ولكن لن نتحمّل أولئك الذين أساؤوا إلينا وظلمونا. وتجمعنا علاقات صداقة مع جميع الشعوب والدول الّتي تعاملنا باحترام، فإننا سنراعي مبدأ الاحترام المتبادل‏.

هذا الأمر جعل الخميني قريباً لكل قضية تمس الشؤون الخاضعة لهيمنة ما؛ من دولة جنوب أفريقيا التي ثارت على التمييز العنصري بين السود والبيض، والتي وصف زعيمها الراحل نيلسون مانديلا السيد الخميني بأنه كان “قائداً لجميع حركات التحرر في العالم ، وأنه خلق تحدياً كبيراً أمام احد اكبر طواغيت العصر”، وحتى فلسطين التي وجدت لها في إيران سفارةً جديدة بعد الثورة. 

ورغم الإدانة المستمرة للسيد الخميني للتسلط الأميركي، ووصفه بأنه “السبب في كل مصائب الشعوب المستضعفة”، فإنه لم يساوِ بين الشعب الأميركي وحكومته، ولا بين مختلف عناصر هذا الشعب حتى، وهذا ما يبيّنه طلبه إثر اقتحام السفارة الأميركية في طهران، واعتقال عدد من موظفيها، بأن يطلق سراح من لم يثبت تورطه بالتجسس من النساء وذوي البشرة السمراء. 

قال الامام الخميني آنذاك: “لأنّ الإسلام قد خصّ النساء بحقوق معينة وكذلك السود الذين قضوا عمراً طويلًا تحت ضغوط أميركا وظلمها (ولعلهم أجبروا على المجي‏ء إلى إيران) ولعدم ثبوت تجسسهم خففوا عنهم واعفوا عنهم. أيها الطلاب الأعزاء سلموا السود والنساء الذين لم تثبت جاسوسيتهم إلى وزارة الخارجية، ليرسلوهم فوراً إلى الخارج”. 

أثار موقف السيد الخميني حينها إعجاب المواطنين الأميركيين ذوي الأصول الأفريقية، ومثلَّ بالإضافة إلى مواقفه الأخرى الداعية للتحرر من الهيمنة والضغوط الأميركية والغربية التي كرّست العلاقة بباقي الشعوب لتكون أشبه بـ”علاقة الذئب بالشاة” وفق تعبير الخميني، محطةً توقفوا عندها.

حافظ الإيرانيون على صلاتهم بالأميركيين التحرريين ذوي الأصول الأفريقية قبل وفاة السيد الخميني وبعده، جنباً إلى جنب فتح علاقات تعاون مع التحرريين العرب واللاتينيين والأوروبيين وغيرهم، وليس أدل على ذلك من تحول إيران في العقود الماضية إلى محطة لاستقبال وتكريم عدد من الناشطين والزعماء المنادين بالخلاص من كل أشكال الاستكبار.

التاريخ مناسب أيضاً، لتذكر الملاكم محمد علي كلاي، والناشط من أجل تحقيق العدالة في مجتمع الأميركيين الأفارقة، والذي توفي في مثل هذا اليوم، بعدما زار إيران غير مرة، وخصص وقتاً لزيارة ضريح الإمام الخميني في طهران، وشارك في مراسم وضع الزهور على قبره، وعبرّ من بعدها قائلاً: “لقد كنت في كثير من البلدان، ولكن إيران هي الأفضل”.

المصدر : الميادين نت

وضع تعليق

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا