ايران بالعربي – الخبير في الشؤون الإيرانية “مجتبى علي حيدري” في مقال لشبكة ايران بالعربي: يرى مراقبون أن زيارة وزير الخارجية القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني إلى طهران الاخيرة، تحمل رسالة من الولايات المتحدة تدعو فيها إيران لعقد لقاء مباشر بينهما، خاصة أنها تأتي بعد مرور أيام قليلة على مفاوضات غير مباشرة بين طهران وواشنطن في العاصمة القطرية الدوحة، غير أن إيران ترى من وراء هذه الدعوة دوافع انتخابية ألقت بظلالها على قرارات إدارة بايدن أو أنها تأتي في محاولة لبحث ملفات أخرى من خلال التلويح بتلبية مطالب طهران في الدوحة بعدما كان البيت الأبيض إتهم الجمهورية الإسلامية بإثارة قضايا جديدة لا علاقة لها بالاتفاق النووي خلال المحادثات في قطر، فيما رد الرئيس الإيراني بالقول إن هذه الاتهامات والمزاعم المكررة تؤكد عدم مصداقية الغربيين في مفاوضاتهم مع بلاده بل تعكس لهاثهم وراء أهداف سياسية رخيصة عبر عملية التفاوض.

و من خلال متابعة تصريحات المسؤولين الإيرانيين الأخيرة يمكننا القول إن طهران لا ترى أي إمكانية للتوافق مع الطرف الأمريكي الذي سعى جاهدا مع حلفائه الأوروبيين في إصدار قرار ضدها عبر الوكالة الدولية للطاقة الذرية ويحاول فضلا على ذلك تشكيل حلف عربي أمريكي إسرائيلي لمواجهة إيران.

إذا كانت الولايات المتحدة صادقة في نواياها وجادة في العودة إلى الاتفاق النووي، فلابد لها من التخلي عن إستخدام الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومديرها العام كوسيلة ضغط ضد طهران وتقوم بإبطال مفاعيل قرار الوكالة الأخير ضد إيران وإغلاق ملفه الملفق ضد إيران إستناداً لإتهامات إسرائيلية والعزوف عن سياسة شيطنة إيران وتسويقها تهديدا مشتركا لدول المنطقة خلال زيارة بايدن المرتقبة للسعودية.

وبما أن الغرب بحاجة ماسة لإحياء الاتفاق النووي بسبب أزمة الطاقة بعد الحرب في أوكرانيا فليس من المستبعد أن تتضمن الرسالة الأمريكية عبر قطر بنودا تطمينية لطهران تطفئ نار غضب الإيرانيين أو تخفف من لهيبها بل هناك مصادر مطلعة تقول إن الولايات المتحدة ذهبت إلى أبعد من ذلك حيث إنها وافقت على تجميد قرار حظر الشركات الاقتصادية التابعة للحرس الثوري الإيراني ثم إلغائه بعد الانتخابات النصفية للكونغرس الأمريكي بأمر رئاسي من جو بايدن شريطة أن يتم عقد لقاء سري يجمع مسؤولين إيرانيين وأمريكيين، ولا شك في أن طهران سترفض هذا الاقتراح إذ ليس من مصلحتها أن تنخرط في صفقة مع الأمريكان خارج إطار مجموعة أربعة زائد واحد فقد يمنح ذلك الإدارة الأمريكية فرصة للتنصل من تعهداتها بل ترى طهران وجوب عودة المفاوضات إلى فيينا في النهاية، حتى لو استمرت مفاوضات الدوحة وذلك بهدف أن تتعهد الإدارة الأمريكية الحالية بعدم الخروج من الاتفاق الذي سيوقع في فيينا وهذا يعني اعترافا أمريكيا بالمطالب الإيرانية أمام المجتمع الدولي.

صحيح أن المفاوضات النووية في الدوحة في جولتها الأولى لم تخرج بنتائج مرجوة، فقد إقتصرت على إختبار النوايا وجس النبض ما يرجح أن تكون الجلسة التالية حاسمة في تحديد مستقبل مفاوضات فيينا، لكن صبر الإيرانيين الإستراتيجي يبدو أنه سيؤتي أكله بسبب غياب مبادرات حل أمريكية إزاء أزمة الطاقة العالمية، وترديد الرئيس الأميركي جو بايدن من منح إيران حقها من الضمانات بموجب الإتفاق النووي وحتى تلك التي ليست بحاجة لموافقة الكونغرس خوفاً من سطوة الأكثرية الحالية أو المستقبلية في الكونغرس.

وضع تعليق

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا