وكالات – نقلا عن مصادر سياسية وأمنية واسعة الاطلاع في تل أبيب، قال محلل الشؤون العسكرية في صحيفة (هآرتس) العبرية، عاموس هارئيل، إنّ الصين تقوم بتجنيد إيران للمُواجهة ضدّ الولايات المُتحدّة، الأمر الذي سيؤدّي إلى جعل مهمّة مُحاربة البرنامج النوويّ في الجمهوريّة الإسلاميّة صعبة جدًا.

وتابعت المصادر عينها قائلةً إنّ سلسلة التفجيرات الأمنيّة في إيران مؤخرًا تزيد من الضغط على النظام الحاكم في طهران، وكجزءٍ من المحاولات لتخفيض الضغط قامت إيران بالاتفاق مع الصين اقتصاديًا وأمنيًا، الأمر الذي يسمح لها، أيْ للصين، وضع موطئ قدم مهم جدًا في المنطقة، ومن غير المُستبعد بتاتًا أنْ تتحوّل الصين بسرعةٍ فائقةٍ لدولةٍ وازنة ضدّ الاعتداءات الأمريكيّة-الإسرائيليّة ضدّ الجمهوريّة الإسلاميّة، كما أكّدت المصادر في تل أبيب للصحيفة العبريّة.

في السياق عينه، قال رون بن يشاي، مُحلّل الشؤون الأمنيّة والعسكريّة في موقع (YNET)، الإخباريّ-العبريّ، التابع لصحيفة (يديعوت أحرونوت)، نقلاً عن مصادره الأمنيّة إنّه في حال نُفذ اتفاق التعاون الإستراتيجيّ والاقتصاديّ بين الصين وإيران فإنّه سيشكل عجلة إنقاذ للاقتصاد الإيراني الذي يرزح تحت العقوبات الأمريكية، كما أنّه سيعزّز مكانة الصين كدولة عظمى وتدخلها في الشرق الأوسط.

إضافة إلى ذلك، تابع أنّ هذا الاتفاق سيوجه ضربة قاسية لسياسات الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب في الشرق الأوسط ولمكانة الولايات المتحدة كقوة عالمية، وفي المستقبل هذا الاتفاق قد يشكل تهديدًا لإسرائيل.

ولفت بن يشاي إلى أنّ الاتفاق المتبلور هو عمليًا تنفيذ لإعلان نوايا تحدّثت عنها طهران وبكين أثناء زيارة قام بها الرئيس الصيني شي جونفينغ إلى طهران في كانون الثاني (يناير) عام 2016. منذ ذلك الحين وحتى اليوم جرت نقاشات سرية بين البلدين حول تطبيق إعلان النوايا وتحويله إلى اتفاق قابل للتنفيذ.

وأوضح المحلل بن يشاي أنّ النسخة الكاملة لمسودة الاتفاق النهائية سُرّبت من قبل الإيرانيين إلى وسائل الإعلام، وأنّ المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية لم يؤكّد ولم ينفِ مسألة وجود الاتفاق، وأيضًا لم يقل متى وفيما إذا كان سيتم التوقيع عليه، وأنّ إيران والصين أيضًا معنيّتان بنشر مسألة الاتفاق للضغط على الولايات المتحدة وإضعاف ترامب عشية الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.

وأشار أيضًا إلى أنّه من بين بنود التعاون التكنولوجي أُخفيَ بند مهم بوجه خاص، يتطرق بشكل واضح إلى أن الصين ستتعاون مع إيران في الدفاع في السايبر، مثل مشروع “جدار النار-fire wall” الصيني الكبير الذي يُستخدم لشلّ منظومات متصلة بالشبكة وبالسايبر بشكل عام في الدول وفي الهيئات التي تعتبر معادية للصين.
وهذه التكنولوجيا، تابع، ستصل ليد إيران وانعكاساتها من وجهة نظر إسرائيل واضحة: الصين ستحصل ليس فقط على اقتصاد إيراني وصناعة طاقة إيرانية، إنما أيضًا على إمكانية نشر تأثيرها في كل أرجاء الشرق الأوسط عبر علاقات إيران في المنطقة، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ الاتفاق مع إيران سيسمح للصينيين بأن يكون لديهم وجود إستراتيجي في الممر الجنوبي للخليج وهذا ما يشكل تهديدًا محتملاً على أساطيل الولايات المتحدة، وبريطانيا وفرنسا التي تبحر داخل الخليج.

وشدّدّ المُحلل، نقلاً عن المصادر ذاتها، على أنّه يمكن التقدير أنّ الاستثمار الهائل للصين في إيران، في السنوات الخمس الأولى على الأقل، لن يكون مربحًا، إذْ أنّه من ناحية الصينيين الفائدة ستأتي فقط في المستقبل البعيد، عندما تبدأ المشاريع في إيران بالربح وعندما تبدأ البنى التحتية التي سيشيّدونها على الأراضي الإيرانية بالعمل بوتيرة كاملة.

وأردف أنّ المصلحة الإيرانية أيضًا واضحة وهي تمتد على عدة مجالات منها أنّه بموجب الاتفاق إيران بإمكانها تصدير نفط بكميات كبيرة على الرغم من العقوبات الأمريكية والحصول بالمقابل على بضائع، خدمات، مواد خام للصناعة وتأهيل البنية التحتية النفطية، بهذه الطريقة، إيران تلتفّ عمليًا بمساعدة الصين على العقوبات الأمريكيّة.

ويمكن التقدير أنّ نشر تفاصيل الاتفاق في طهران هدفه على ما يبدو المساعدة في تسويق فوائده للشعب الإيراني، في حال تم التوقيع على الاتفاق وتنفيذه، سيكون لدى إسرائيل سببٌ للقلق من زاوية رؤية إستراتيجية، عسكرية وإستخبارية.

أولًا لأنّ اتفاقًا اقتصاديًا وإستراتيجيًا بمعايير كهذه بين الصين وإيران سيقضم بشدة مكانة الولايات المتحدة كقوة عالميّة وكمصدر مؤثر ومسيطر في الشرق الأوسط.

كما أنّ تنفيذ البنود المتعلقة بالتكنولوجيا والتعاون العسكري والاستخباري بين بكين وطهران سيضر بقدرة الولايات المتحدة، مع إسرائيل، على إحباط البرنامج النووي الإيراني، خاصة إذا قررت إيران التقدم في تصنيع قنبلة نووية وإذا كانت هناك حاجة لإحباط ذلك بوسائل عسكرية، وفق المصادر الرفيعة في تل أبيب.

وضع تعليق

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا