رأي – عبدالرحمن أبوسنينة: خلال الأيام القليلة الماضية تعرضت ايران لأعمال أمنية غامضة، والتوقعات حتى الآن في الأروقة التحليلية بطهران تشير الى مسؤولية الصهاينة بدعم أمريكي، وتسهيل من دول عربية، اما بالطائرات المسيرة أو بالحملات السيبرانية، إذ يستعيض أعداء ايران عن المواجهة العسكرية المباشرة بحرب استخباراتية، من دون تبن رسمي، لكن شخصيات أمريكية وصهيونية يتحدثون على الأقل حول حادثة (نطنز) وان من نفذها مجموعة ايرانية، عرّفوها بـ(نمور الوطن)! فرضية تضحك منها الثكلى، ولن تنطلي على دهاقنة الأمن والسياسة الايرانيين، الذين تهكموا بالقول ان الفهود السود الأمريكيين هم من فجروا البارجة الامريكية في كالفورنيا!

شكل المواجهة صار على ما يبدو يأخذ منحى الحرب السيبرانية، ومن ملاحظتي الشخصية يتميز الايرانيون بطاقاتهم المذهلة التي تصل الى حد الهوس عند بعضهم ببرامج الهكر وألعاب السيطرة على العدو الكترونيا حتى بين شرائح المراهقين غير المرتبطين بالأجهزة العسكرية والأمنية، وأثبت الايرانيون ابداعا منقطع النظير رغم الحصار الخانق، وليس التحكم بالطائرات الامريكية المتطورة المسيرة، وتفكيك شفراتها، وتصنيعها محليا عنا ببعيد، الى اختراق الهاتف السري الخاص مؤخرا لوزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس كما نشرت الصحافة الاسرائيلية.

محور المقاومة الذي بات كالجسد الواحد لم يهدأ منذ استشهاد قائد اركانه الجنرال سليماني، واللبيب من الاشارة يفهم، فالضربات الموجعة ضد المحتلين في العراق بدءا من عين الأسد وليس انتهاء أمس باستهداف رتل عسكري امريكي في منطقة مكيشيفه، انتقالا الى أفغانستان واسقاط الطائرات، الى دعم الجيش اليمني واللجان الشعبية الى صواريخ المقاومة الفلسطينية التي لامست شواطئ قبرص في التجربة البحرية الأخيرة، الى اتفاق الدفاع الجوي مع دمشق وتزويدها بمنظومة “خرداد 3” الإيرانية، التي أثبتت فاعليتها الردعية بعد أن أسقطت طائرة الاستطلاع الأميركية الشديدة التطور “أر كيو جلوبال هوك”، وصولا الى الاتفاق الاستثنائي بين طهران وبكين الذي خلاصته علاقة عسكرية أوثق بين القوتين، وتبادل معلومات استخبارية ومضاعفة للاستثمارات الصينية في المصارف والاتصالات والمواصلات الإيرانية، لمدة 25 عاماً.

وبالتالي من يعتقد أن هناك سكونا في الحرب المفتوحة على مختلف الصعد بين المحور المقاوم والمعسكر الأمريكي الصهيوني فهو واهم لم يفهم طبيعة الصراع بعد، يضاف فقط إلى أشكاله حرب الاشباح الحالية، بدون بصمات، رسائل اليأس والوداع الترامبية والاسرائيلية، ومحور المقاومة معني بايصال الرسائل إلى الرأس الأكبر، فيما الخصوم مقتدرون اعلاميا، وفي خدمة دعاية اسرائيل وترويج الاكاذيب، وقد حذر اليوم متحدث القوات المسلحة الايرانية العميد أبو الفضل شكارجي الصهاينة من الاستمرار في أكاذيبهم بشأن استهداف مواقع ايرانية بسورية طيلة 9 سنوات، مذكرا بليلة الصواريخ (50 صاروخا وقذيفة)على الجولان التي جاءت بعد استهدف الصهاينة قاعدة T-4 بسورية، وغيرها من عمليات المقاومين، مضيفا أن العدو لا يستطيع نفي هذه الحقائق.

قائد قوة القدس العميد قاآني وخليفة سليماني، كان أقرب للوضوح عندما اعتبر ان احتراق السفينة الحربية الأمريكية جاء نتيجة الجرائم التي ارتكبها الأمريكيون، وان أياما عصيبة جدا تنتظر أمريكا والكيان الصهيوني، وقد ورد كلامه خلال اجتماع هو الثاني بعد استشهاد سليماني مع قادة المقاومة، الصهاينة وصلتهم الرسالة وقال المتحدّث باسم جيش الكيان (أفيخاي أدرعي)، في مقابلة له مع قناة اسرائيلية ناطقة بالعربية ” أنّ ما حدث للبارجة الامريكية في سان دييغو (بكاليفورنيا) غير مسبوق، والاحتمال القوي بان الانفجار والحريق ناجمان عن عمل تخريبي، تم تنفيذه على يد مجموعة متطرفة من السود في الجيش الامريكي، يعملون لصالح ايران”، والحديث عن تحريك واحدة من خلايا طهران النائمة كجزء من هجوم انتقامي، وواضح كما كان مرشد الجمهورية الاسلامية السيد الخامنئي يقول في خطاباته بأن زمن أضرب واهرب قد ولى، وان تايتنك الأمريكية في طريقها للغرق عن منطقتنا.

وضع تعليق

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا