صحيفة هآرتس الإسرائيلية : سايمون هندرسون باحث مخضرم وأحد أعضاء معهد واشنطن لأبحاث الشرق الأوسط؛ وفي مقال نشره أول أمس على موقع “ذي هيل” الأمريكي، قدر بأن “هناك نوعاً من الحرب النووية قد بدأت في الشرق الأوسط”.

أشخاص كثيرون، كتب هندرسون، يقدرون بأن إسرائيل هي التي وقفت وراء الانفجار الذي جرى في منشأة أجهزة الطرد المركزي في نطنز الخميس الماضي. وتدل صور الأقمار الصناعية للموقع على أن المنشأة التي تم إنتاج أجهزة الطرد المركزي المتطورة فيها، قد دمر أغلبها خلال الانفجار.

يعتمد الإيرانيون اليوم على أجهزة طرد مركزية قديمة من نوع “آي.آر1” لتخصيب اليورانيوم، ولكن هذه الأجهزة لا تكفي لتخصيب يورانيوم بمستوى عال يتناسب مع إنتاج قنبلة نووية. التقدير الاستخباري، كتب هندرسون، يقول بأن إيران بدأت مرة أخرى في إنتاج أجهزة طرد مركزية متطورة أكثر من نوع آي.آر 2، المطلوبة لهذا الغرض.

منشأة الإنتاج هذه لم تعد قادرة على استخدام هذا الغرض، ومشكوك فيه إذا كان لدى إيران أي بديل.

بعد الانفجار، قدر هندرسون، أن منشأة الإنتاج هذه لم تعد قادرة على استخدام هذا الغرض، ومشكوك فيه إذا كان لدى إيران أي بديل حيث جرى تأخير البرنامج النووي الإيراني لأشهر، إذا لم نقل لسنوات. هذا التقدير يشبه في جوهره تقديرات مشابهة اقتبست من رجال استخبارات مختلفين مؤخراً، تراوحت بين سنة الى سنتين.

بين الأعوام 2009 – 2013 جرى نقاش صاخب في قيادة اسرائيل السياسية والأمنية. لقد دعا رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في حينه إلى هجوم إسرائيلي على منشآت نووية في إيران. نتنياهو الذي عمل طوال معظم هذه الفترة بدعم من وزير الدفاع إيهود باراك ووجِه بمعارضة كاسحة من رؤساء أجهزة الأمن في إسرائيل.

تركز الخلاف في نموذج العملية التي جرى اختيارها، وهي مهاجمة جوية صاخبة بحيث لا يكون بالإمكان الحفاظ على مسافة للتنصل منها. كبار ضباط الجيش الإسرائيلي والموساد والشاباك خافوا من أن يؤدي الهجوم إلى تأجيل المشروع النووي لفترة قصيرة نسبياً؛ وأن تتعقد العملية بحيث تؤدي إلى حرب مع إيران وحزب الله، ستتضرر فيها الجبهة الداخلية الإسرائيلية بصورة شديدة؛ هكذا، ستتسبب بشرخ غير قابل للالتئام مع إدارة باراك أوباما في واشنطن. والنهاية معروفة: نتنياهو تراجع والهجوم تأجل. في العام 2015 قاد الرئيس أوباما توقيع الاتفاق مع إيران حول تجميد برنامجها النووي.

اليوم، يجلس رئيس آخر في البيت الأبيض هو دونالد ترامب، وإذا كان هندرسون والآخرون على حق فإن إسرائيل تقريباً عن علم، أو بدعم أمريكي، وجدت حلاً يتجاوز هذه المشكلة، إزاء التقدم الإيراني الجديد نحو القنبلة النووية. وبدلاً من هجوم جوي بصورة واضحة، حدث انفجار خفي لا يظهر سلسلة القيادة التي تقف خلفه. الضرر الذي حدث هو الضرر نفسه، لكن الثمن قد يكون أقل بكثير. هذا بالتأكيد لا يشكل نهاية للمشروع النووي المنتشر بصورة متعمدة في مواقع كثيرة، بعضها يوجد عميقاً تحت الأرض. ولكن ربما يكون قد تضرر شريان رئيسي هنا.

حسب رجال استخبارات في الشرق الأوسط والغرب، الذين تم اقتباسهم في “نيويورك تايمز”، لم يكن انفجار نطنز نتيجة هجوم سايبر، بل نتيجة قنبلة تم ادخالها إلى داخل المنشأة. فمن عمل هناك حقق إنجازاً ثلاثياً تمثل في توقيت مناسب، وجاء قبل إدخال أجهزة الطرد المركزي المتطورة إلى منشأة تحت أرضية محمية، ومعلومات استخبارية متطورة وقدرة عملياتية نادرة.

قبل سنتين ونصف نشرت إسرائيل علناً وبصورة نادرة إنجازاً موازياً في طبيعته، وهو سرقة الأرشيف النووي الإيراني في عملية موساد معقدة.

كان انفجار نطنز هو الحادث الرئيس في سلسلة انفجارات وحرائق حدثت في إيران على مدى أسبوع. سلسلة غامضة من الأحداث أصيب فيها، حسب التقارير، منشأة لإنتاج الصواريخ وعيادة ومصنع ومحطة لتوليد الطاقة، في مناطق مختلفة وبعيدة في أرجاء الدولة. لم ترد إسرائيل رسمياً على أي نشر. تجاهل نتنياهو سؤالاً حول ذلك في مؤتمر صحافي الخميس الماضي. وقال وزير الدفاع ورئيس الحكومة البديل، بني غانتس، إن إسرائيل لا تقف بالضرورة وراء كل حدث في المنطقة.

وثمة انطباع تولد بأن ليس بالضرورة أن تكون هناك علاقة ملزمة ومسؤولية مشتركة عن جميع الأحداث. ولكن تسلسل هذه الأحداث المدوية خلق ضغطاً على نظام طهران كي يرد. وهكذا بات وضعه صعباً، فالعقوبات الاقتصادية التي تقودها إدارة ترامب شلت اقتصاد إيران، ووباء كورونا وأزمة النفط فعلت فعلها. ولم تنجح طهران بعد في الرد على اغتيال أمريكا للجنرال قاسم سليماني في كانون الثاني الماضي في بغداد.

في نهاية الأسبوع، ذكر رئيس الاستخبارات العسكرية السابق، الجنرال احتياط عاموس يادلين، ردوداً إيرانية محتملة، منها هجوم سايبر مثل الذي تم إحباطه قبل شهرين عندما حاول الإيرانيون المس ببنية المياه التحتية في إسرائيل، وإطلاق صواريخ من سوريا. ومؤخراً، عمدت إسرائيل على الحافظة على أقصى حالات التأهب التي تشمل استعداداً لهجمات سايبر.

الجنرال سليماني في السابق هو الذي قاد عدة محاولات رد فاشلة، بواسطة إطلاق صواريخ من سوريا بعد هجمات إسرائيلية مكثفة ضد أهداف إيرانية في الأراضي السورية. وقبل أسبوعين وقع هجوم جوي واسع على الأراضي السورية، ونسب إلى إسرائيل، وأصيبت فيه -حسب ما نشر- مخازن سلاح وقواعد إيرانية.

في أيلول 2019 أظهرت إيران قدراتها المدهشة عندما هاجمت مواقع لصناعة النفط السعودية بصورة دقيقة بمساعدة صواريخ كروز وطائرات بدون طيار. ولكن هذه، كما يبدو، وسائل قتالية يجب الترويج لها لمدى أقرب إلى إسرائيل من أجل تهديدها بمساعدتها. يمكن الافتراض أن الاستخبارات الإسرائيلية تتابع كل حركة كهذه كي تستعد وفقاً لذلك.

وقبل أسبوع، انشغلت إسرائيل بصورة مكثفة بإمكانية أن يقود نتنياهو عملية ضم في الضفة الغربية، فتؤدي إلى توتر إقليمي. في هذه الأثناء، يبدو أن هذا الضم دخل مرحلة التجميد، لكن ما زالت درجة الحرارة الإقليمية تواصل ارتفاعها. وهذا يحدث بسبب التوتر الذي بين إيران وإسرائيل، حيث هناك في الخلفية أزمة اقتصادية غير مسبوقة في لبنان. وحزب الله يقع تحت ضغط عام شديد، وإن احتكاكاً عسكرياً مع إسرائيل يبدو الآن وكأنه الأمر الأخير الذي يحتاجه أو يريده أمين عام حزب الله، حسن نصر الله. ولكن توقع اتجاه التطورات يظل رهن المجهول.

بقلم: عاموس هرئيل – هآرتس 8/7/2020

1 تعليق

  1. الانفجار الذي استهدف موقع نطنز النووي عبارة عن قنبلة وزنها كيلو غرام وتفجير عن بعد وكان وضعت في إحدى الآلات التي استوردوها وفيها سيم كارد وكانت ترسل لهم الأحاديث التي بقربها ومن ثم فجروها. منقولة عن (المنادي) والقادم اعظم

وضع تعليق

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا