عن ايران – ليس غريبا على بلد يملك ارثا ثقافيا وانسانيا متراكما معجونا بالفكر والفن كـ”ايران” أن يكون مهووسا بصناعة السينما إلى الحد الذي استطاع فيه أن يدخل العالمية، كاسرًا كل الحواجز التي يمكن أن تقف في طريقه من الداخل والخارج ليصنع سينما خاصة به وبثقافته.

وتعد إيران من أوائل الدول في العالم التي دخلت إليها صناعة السينما؛ وكانت الشرارة الأولى لدخول هذا العالم الفني الواسع، قد انطلقت من أيام الشاه الإيراني “مظفر الدين شاه” الذي شاهد أول آلة تصوير في احدى الدول الأوروبية عام 1899 وأمر “ميرزا ابراهيم خان” حينها لشراء المعدَّات اللازمة لنقل هذه التقنية الجديدة إلى إيران، ليشهد القرن الـ20 انضمام إيران إلى الساحة السينمائية.

فلم آبی و رابی

وكانت ايران في البدايات تُحضر الأفلام من الغرب فقط وتعرضها في صالة العرض لديها حتى العام 1930م الذي شهد صناعة أول فيلم سينمائي ايراني بعنوان “آبي ورابي”. وبعد الثورة الاسلامية تمكن السينمائيون في ايران من صناعة سينما مستقلة خاصة بهم وبنكهة إيرانية تراعي العادات والتقاليد الاجتماعية واحكام الشرع، ساعدتهم بالوصول إلى العالمية وحصد العديد من الجوائز البارزة كـ اوسكار وكان وغولدن كلوب.

فقد انغمس السينمائيون الإيرانيون في الحراك المجتمعي بوعي ثقافي وعمق سياسي كبير مكّنهم من تجاوز حاجز المادة ومقص الرقيب واستطاعوا بكفاءتهم وجرأتهم وحبهم للفن السابع من تقديم أفلام سينمائية من دون عنف وجنس واثارة؛ توشحت العالمية وخاطبت العقول بعقلانية أكسبها احترام الجماهير.

وتوصف السينما الايرانية بـ”سينما الإنسان” إذ تربط بين المخرجين الإيرانيين والشارع والناس والبساطة علاقة قويّة، وتركز على الإنسان وعلى طريقة حياته وثقافته، وتنقل قصص حقيقية من الشارع بأسلوب جذّاب، يُشعر المشاهد أنه يعيش داخل الفيلم، ومع شخصياته.

السينما في ايران بعد الثورة الاسلامية تعكس نمطا مختلفا من الاخراج والتمثيل واثارة المشاهد؛ فهي لاتعتمد العري لكنها تتقن ابتكار البدائل والاختفاء خلف التلميحات وتصوير تناقضات ايران والالتفاف على قيود المجتمع واعرافه. السينما الايرانية هي صناعة الفن الطاهر من دون جنس وعنف وميزانيات ضخمة؛ وأكبر تحد فيها أن تبدع وتصل العالمية ولكن بتهذيب.

ومن أسرار تميز الفن السابع في ايران؛ المراة؛ التي اصبحت بعد الثورة الاسلامية عام 1979 انعكاسا لجمال السينما الايرانية وابرز ملامحها. فدور المرأة الايرانية في السينما الايرانية وخلال العقود الاخيرة بدا ينمو بشكل تصاعدي وحصدت عشرات الجوائز في المهرجانات العالمية منها مهرجان طهران الذي يشكل عاملا رئيسا في انجاب عمالقة السينما الايرانية.

وتمكن أيقونة السينما الايرانية المخرج “عباس كيارستمي” من حصد اولى الجوائز العالمية البارزة لبلاده، بنيله جائزة افضل فلم في مهرجان “كان” السينمائي عن فيلمه “طعم الكرز” 1997 الذي يحكي ببساطة وبتجريد مأساوي درامي عن فكرة الموت والرغبة في الانتحار لشخص غارق في السوداوية.

عباس کیارستمي

وجاء صعود النجم المخرج “أصغر فرهادي” ليفتح أفقا جديدا لمعطيات السينما الإيرانية وفاز فيلمه “انفصال” (2011) من نوعية الدراما الاجتماعية بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي عام 2012 وفي 2016 فاز فيلمه “البائع” بنفس الجائزة.

كما برزت على مدى العقدين الماضيين أسماء مخرجين ايرانيين آخرين في مختلف المهرجانات السينمائية العالمية لاسيما مجيد مجيدي وابراهيم حاتمي كيا ورخشان بني اعتماد ومحسن مخملباف وابنته سميرا مخملباف وتهمينة ميلاني وجعفر بناهي الذي حاز على 3 جوائز كأفضل فيلم في مهرجاني البندقية 2000 وبرلين في العامين 2006 و 2015 وبهمن قبادي الذي نال جائزة الكاميرا الذهبية في مهرجان كان عام 2000 والجائزة الخاصة للجنة تحكيم في نفس المهرجان عام 2009 .

المخرج السينمائي محسن مخملباف وابنته المخرجة سميرا
المخرجة السينمائية الايرانية رخشان بني اعتماد
المخرجة السينمائية الايرانية تهمينة ميلاني

وضع تعليق

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا