جبهةٌ جديدةٌ ربّما يشتعل فتيل حربها في الأيّام القليلة القادمة بين الولايات المتحدة وإيران، ولكن ليس في مياه الخليج المُلتهبة، وإنّما في مِياه البحر الكاريبي، ونحنُ الآن في انتظار عود الكِبريت أو المُفجِّر.

القصّة تبدأ عندما قرّرت السلطات الإيرانيّة إرسال خمس ناقلات نفط عِملاقة مُحمّلة بالبنزين لمُساعدة حليفها الوثيق الرئيس الفنزويليّ نيكولاس مادورو الذي تُعاني بلاده من نقصٍ في هذه المادة الضروريّة بسبب الحِصار الأمريكيّ وتعطّل مِصفاة النّفط الرئيسيّة “كاردون”، للسّبب نفسه، ونقصِ قطع الغيار.

إدارة الرئيس ترامب أرسلت أربع فرقاطات حربيّة أمريكيّة إلى المِنطقة مُعزّزةً بطائراتٍ مُقاتلةٍ، وسط أنباء بإنّها ستُحاول منع السفن الإيرانيّة من إفراغ حُمولتها في الموانئ الفنزويليّة حتّى لو أدّى الأمر إلى استِخدام القوّة.

هذه ليست المرّة الأولى التي تهرع فيها إيران لمُساعدة حليفها الفنزويلي، ولكن في ظِل حالة التوتّر المُتصاعِدة في مياه الخليج بين أمريكا وإيران، والتّهديدات المُتبادلة بينهما، من غير المُستَبعد أن يُقدِم الرئيس ترامب على حماقةٍ عسكريّةٍ جديدةٍ ضِد النّاقلات الإيرانيّة التي تُشكِّل تَحدِّيًا له وحِصاره على فنزويلا في حديقته الخلفيّة.

إيران، وفي حال حُدوث المُواجهة في البحر الكاريبي قُرب السواحل الفنزويليّة، لا تملك الوسائل الدفاعيّة لحِماية سُفنها، ولكنّها قد تُقدِم على ردٍّ انتقاميٍّ ضِدّ مِئات السّفن الحربيّة الأمريكيّة في مِنطقة الخليج، وهذا ما يُفسِّر تهديدات الرئيس ترامب بردٍّ قويٍّ في حال اقتِراب الزوارق الإيرانيّة مئة متر من سُفن بِلاده في تلك المِنطقة، أيّ الخليج.

الحرس الثوري الإيراني أصدر بيانًا قال فيه “إنّ أيّ تحرّك من الولايات المتحدة مِثل القراصنة ضدّ شُحنات الوقود المتّجهة إلى فنزويلا ستكون لهُ تداعيات”.

هل نحنُ أمام تِكرار لحالة التوتّر التي بلغت ذروتها عندما احتجزت قوّات بحريّة بريطانيّة ناقلة نفط إيرانيّة كانت في طريقها إلى سورية عبر مضيق جبل طارق قبل عامين لكسر الحِصار النفطيّ الأمريكيّ المفروض عليها؟

لا نستغرب أن يتكرّر المشهد، ولكن في مياه الكاريبي، ومثلما أقدمت زوارق إيرانيّة على الرّد باحتجازِ ناقلة بريطانيّة في مِنطقة الخليج فورًا، ولم تُفرِج عنها إلا بعد الإفراج عن ناقَلتها أوّلًا، فإنّها لن تتردّد في احتِجاز سُفنٍ أمريكيّةٍ، وبالطّريقة نفسها، في حالِ تعرّض ناقِلاتها لأيّ تحرّش أو اعتداء أمريكيّ أمام سواحل فنزويلا.

إيران لا تخذل حُلفاءها، سواءً كانوا في سورية أو في أمريكا الجنوبيّة، وهي لا يُمكن أن تنسى لفنزويلا وقوفها معها ضدّ الحِصار الأمريكيّ، وزيارة الرئيس الراحل هوغو شافيز لطِهران في ذروة الخِلاف مع أمريكا.

التحرّش قد يحدث في البحر الكاريبي، والمُواجهة العسكريّة قد تكون في مِياه الخليج على بُعد خمسة آلاف ميل وفي الأيّام القليلة المُقبلة، إلا إذا تراجع الرئيس ترامب مثلما حدث في مرّاتٍ عديدةٍ سابقةٍ.. واللُه أعلم.

“رأي اليوم”

وضع تعليق

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا