نشر معهد دراسات الأمن القومي تحديثًا للتقييم الاستراتيجي الإسرائيليّ للعام 2020 وتضمن توصيات للحكومة الجديدة التي شكلها نتنياهو، والتي من المُقرر أنْ تحلِف يمين الولاء في ساعةٍ متأخرةٍ من الليلة، وأكّد على أنّ إيران ما زالت تشكل أخطر تهديد لأمن إسرائيل، ببرامجها النووية والصواريخ البالستية ونشاطها الإقليمي، وهو تهديد واضح، وعلى الرغم من أنّ إيران تعاني من أسوأ أوضاعها في ظل نظامها الحاليّ، إلّا أنّها تواصل تعزيز جهودها لتعزيز مصالحها الإقليميّة في العراق وسوريّة ولبنان.

في نفس الوقت، تابع المسح، تصاعد الصراع بين إيران والولايات المتحدة، ويبدو أنّ إيران تواصل تنسيق هجماتها عبر الميليشيات الشيعية ضد القواعد الأمريكية في العراق، وتتخذ إجراءات استفزازية ضد السفن الحربية الأمريكية في الخليج، و إذا أدت مثل هذه الأعمال إلى خسائر في الأرواح الأمريكية، فإنها قد تؤدي إلى تصعيد عسكري بين الولايات المتحدة وإيران في العام المقبل، لذلك هناك حاجة إلى التنسيق الإسرائيليّ الأمريكي في هذا السياق.

وتابع أنّه يجب على حكومة إسرائيل الجديدة صياغة إستراتيجية شاملة طويلة المدى للتعامل مع النشاط الإقليمي لإيران، ولا ينبغي أنْ تستند هذه الإستراتيجية فقط على استخدام القوة العسكرية، وفيما يتعلق بالمسألة النووية، فإنّ الجانب الأكثر أهمية من شأنه أنْ يجذب القليل من الاهتمام في الولايات المتحدة في الأشهر المقبلة، ومع ذلك، ينبغي بذل جهد للتوصل إلى تفاهمات مع إدارة ترامب بشأن السمات المحتملة لاتفاقية نووية محسنة، ورسم خطوط حمراء (وليس للنشر) بشأن التقدم المحتمل في برنامج إيران النووي وتقصير الوقت الذي تحتاجه للحصول على القدرة النووية، ويجب على الحكومة الجديدة أيضًا التأكد من أنّ إسرائيل لديها خيار موثوق به للقيام بهجومٍ مستقلٍ في إيران.

أمّا في الجبهة الشمالية، فأكّد المسح أنّ أزمة جائحة (كورونا) لم تغير بشكل جوهري طبيعة أوْ مدى التحديات التي تواجه إسرائيل على الجبهة الشمالية، لافتًا إلى أنّ التحدي الرئيسي في هذا المسرح هو نشاط المحور الشيعي الراديكالي، مع التركيز على توطيد إيران متعدد الأبعاد من خلال وكلائها في سوريّة وإقامة معاقل حزب الله في مرتفعات الجولان، وهذا التعزيز يسير بوتيرة أبطأ مما تصورته طهران وخططت له، لكنه لا يزال مستمرًا بالرغم من القيود الاقتصادية المرهقة المفروضة على إيران، وتواصل إسرائيل عملياتها ضد الاندماج من قبل إيران وحزب الله، وقد عطلته وأخرته، ولكن ربما لن تكون قادرة على القضاء عليه.

وبالتالي، لن تختفي التحديات على الجبهة الشمالية، ولكن من المحتمل ألا تتطور إلى تصعيد واسع النطاق، لأن جميع الجهات الفاعلة تركز حاليًا على مكافحة أزمة الفيروسات التاجية وليس لها مصلحة في الحرب، وفي الوقت نفسه، فإن مخاطر التصعيد غير المخطط له، الذي قد يؤدي إلى الحرب على الجبهات اللبنانية والسورية والعراقية، واضح في هذا الوقت، مُشدّدًا على أنّه يجب أنْ يكون هذا السيناريو للحرب متعددة الجبهات (“الحرب الشمالية”) هو السيناريو المرجعي الرئيسي للحرب ويجب على الحكومة الجديدة الاستعداد لها، مما يضمن أنْ يكون الجمهور على دراية بطبيعتها ونتائجها المحتملة. في الوقت نفسه، يجب إطلاق الجهود السياسية والعسكرية لمنع الحرب واستخدام وسائل بديلة لتعزيز أهداف إسرائيل على الجبهة الشمالية، فيما يُواصِل حزب الله تعزيزه العسكري بمساعدة إيران، بما في ذلك مشروع الصواريخ الدقيقة، وتطوير قدرته على اختراق إسرائيل بالقوات البريّة، كما جاء في الدراسة.

وتابع مركز أبحاث الأمن القوميّ : نقاش آخر يتعلق بمسألة إحداث الإطاحة بالرئيس د. بشار الأسد، وهذا أمر مهم، لأنّه من الواضح أنّه غير قادر على إزالة القدرات والنفوذ الإيراني من سوريّة، وبسبب مسؤوليته عن مقتل مئات الآلاف من المدنيين، يمكن أنْ يكون مثل هذا الإجراء ممكنًا في الظروف الحالية، حيث لم يعد الأسد يتمتع بدعم موسكو، ومن الممكن أنْ يكون الوضع قد حان لخطوة روسية تركية أمريكية مدعومة من الدول الأوروبية لتغييره ووضع سوريّة على طريق الإصلاحات السياسية التي ستؤدي إلى مساعدة دولية لإعادة الإعمار في سوريّة.

وأشار مركز أبحاث الأمن القوميّ إلى أنّه يجب على الحكومة الجديدة أنْ تبذل جهودًا متجددة لتجنيد روسيا في محاولة لتقليص النفوذ الإيراني والتدخل العسكري في سوريّة، ومن خلال موسكو، يجب أيضًا محاولة التأثير على تعزيز قوات الجيش السوريّ، ومنع حيازته للأسلحة المتطورة، ويجب على إسرائيل أنْ تحاول حث روسيا على استخدام نفوذها لنزع سلاح المليشيات الموالية لإيران في أجهزة الدفاع السورية. في الوقت نفسه، يجب الحفاظ على التنسيق مع الجيش الروسي من أجل الحفاظ على حرية العمل الإسرائيلية، وتجنب الاحتكاك، وتشكيل صورة استخباراتية مشتركة عن التخريب الإيراني (لأنّ هذا يتعارض أيضًا مع المصالح الروسية).

وضع تعليق

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا