براء سمير إبراهيم

هجوم سيبراني إيراني “خطير”، كشفت حكومة الكيان الصهيوني عن تعرضها له قبل حوالي اسبوعين، وقالت انه استهدف قطاع المياه والصرف الصحي في بعض المستوطنات الإسرائيلية.

حكومة الاحتلال اعتبرت الهجوم “تصعيداً كبيراً من جانب الإيرانيين، وتجاوزاً للخط الأحمر، لأنه استهدف مرافق مدنية”، ومن الواضح أن الهجوم أحدث صدمة كبيرة لدى “إسرائيل” ، إذ قال مسؤول إسرائيلي كبير لقناة 13 العبرية: “لم نتوقع مثل هذا الهجوم من قبل الإيرانيين.. هذا هجوم لا ينبغي أن يحدث”.

بدورها عقدت الحكومة الأمنية الإسرائيلية المصغرة يوم الخميس الماضي اجتماعاً سرياً للغاية خُصص لبحث الهجوم الإيراني الاخير، ما يعبر عن موجة خوف وقلق كبيرة أحدثها الهجوم وأنتابت مسؤولي الكيان ومستوطنيه.

والسؤال الذي يطرحه الكثيرون الآن…ما الدلالات التي يحملها هذا الهجوم؟

ان أهم وابرز دلالة لهذا الهجوم ، هي دخول إيران ومحور المقاومة الإسلامية بشكل عام، مرحلة جديدة في الرد على استفزازات الأعداء والتصدي لها، وهذه المرحلة قائمة على اتباع طرق حديثة للانتقام من العدو وتلقينه درساً، فبدلاً من أن ترد إيران على هجمات “إسرائيل” التي تستهدف القوات الإيرانية الموجودة على الأراضي السورية بطلب من حكومة دمشق، بطريقة تقليدية تفضي إلى صدام عسكري كبير يتحول إلى حرب عالمية ثالثة تتطلب موارد بشرية ومالية كبيرة وباهظة، وتكون نتائجها كارثية وطويلة الأمد على مختلف الأطراف المشاركة فيها، فإن استخدام إيران سبل جديدة في التعامل مع العدو مثل استخدام التكنولوجيا والحرب النفسية، يحقق نفس الأهداف المرجوة من الأعمال العسكرية، بل وربما يتفوق عليها أيضا بدليل الرعب الكبير الذي انتشر في كيان الاحتلال بعد الهجوم السيبراني الإيراني الأخير.

إلا أن إيران لم تكن الطرف الوحيد في محور المقاومة الذي بدأ يتبع هذا الأسلوب مع الأعداء، بل ان حزب الله اللبناني نهج هذا الخط أيضا، وتمثل ذلك في كيفية رده على استهداف “إسرائيل” سيارة تابعة للحزب على الحدود السورية اللبنانية بصاروخين في الخامس عشر من شهر نيسان الماضي، ورغم ان الاعتداء الاسرائيلي لم يُسفر عن ارتقاء أي شهيد، إلا أن حزب الله رد على الهجوم بطريقة ذكية جدا، فبعد يومين فقط من العملية الإسرائيلية، اكتشف جيش الاحتلال وجود ثلاث ثغرات في السياج الأمني مع لبنان، ما أثار حفيظة الكيان الصهيوني الذي حمّل الحكومة اللبنانية مسؤولية اي هجمات تنطلق من اراضيها.

اما السؤال الآن فهو….لماذا اختارت إيران قطاع المياه الاسرائيلي بالتحديد لتستهدفه دون غيره من القطاعات الأخرى؟

لعل اختيار إيران لقطاع المياه الاسرائيلي، يعود إلى الأهمية الكبرى التي يتمتع بها هذا القطاع لدى الصهيانة، إذ ان “إسرائيل” دائماً ما تقول عن نفسها أن خبرتها في مجال معالجة المياه وتدويرها وتحليتها والمحافظة عليها واستثمارها، لا تضاهيها اي خبرة أخرى، ولذلك فإن استهداف إيران لقطاع المياه بالتحديد، جاء ليبعث برسالة ضمنية إلى الجانب الصهيوني مفادها ان إيران قادرة على الوصول حتى إلى المجال الذي تتفاخر “إسرائيل” بمعرفتها العميقة فيه، وبالتالي فإذا كانت إيران استطاعت اختراق قطاع المياه الذي يحظى بمكان خاصة في الكيان فإنها بالنتيجة قادرة على اختراق كافة القطاعات الإسرائيلية الأخرى.

والآن نسأل…هل كانت “إسرائيل” هي الوحيدة التي أثار هجوم إيران السيبراني قلقها ام ان هناك أطراف أخرى امتعضت من هذه العملية؟

على مايبدو ان حكومة الاحتلال لم تكن الطرف الوحيد الذي أثارت العملية الإيرانية الأخيرة قلقه، بل ان الولايات المتحدة الأمريكية تفاجأت هي الأخرى بالعملية وتكنيكها، ولعل الدليل على ذلك هو اعلان الخارجية الأمريكية يوم الجمعة (اي بعد يوم واحد من اجتماع الحكومة الأمنية الإسرائيلية المصغرة لبحث الهجوم الإيراني)، عن زيارة سيجريها وزير الخارجية مايك بومبيو إلى القدس المحتلة، ومن الواضح أن العملية الإيرانية الأخيرة ستكون المحور الأبرز الذي سيبحثه بومبيو مع مسؤولي الكيان في القدس، إلى جانب ملفات أخرى لا تخلى من التآمر على دول المنطقة وشعوبها.

ويبقى السؤال الآن…هل سيكون الهجوم السيبراني الإيراني الأخير بمثابة شرارة تشعل توتر واحتقان جديد بين طهران وتل أبيب، خاصة بعد حديث القناة 13 العبرية عن تحضير “إسرائيل” لرد مناسب على إيران من المرجح ان يكون سيبراني أيضاً؟ أم ان قدرات إيران التي أظهرها الهجوم ستردع الكيان وتجعله يفكر ملياً قبل اتخاذ اي خطوة تستهدف مصالح إيران؟!..

كاتبة سورية

وضع تعليق

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا