براء الطه

علاقة متجذرة في القدم تلك التي جمعت البلدين ورغم أنها مرت بعدة مراحل إلا أن الأسس الأستراتيجية بقيت ثابتة فيها و أهمية كل منهما للأخر كانت دائما في وعي الطرفين , رغم تقلبات السياسة و الصراع الدولي على ايران بين الأقطاب العالمية إلا أن ما جمع الروس و الأيرانيين كان دائما واضحا حتى في أزمنة البعد بين الطرفين .

يقول نيقولا الثاني “مهما توسعت روسيا غرباً فان لها صديق دائم وثابت في الجنوب هو إيران “

نظرت روسيا إلى إيران على أنها امتداد جغرافي حيوي يربطها بالمياه الدافئة في الخليج والمحيط الهندي , إضافة إلى اتصالها جغرافياً بأوراسيا وموقعها الجغرافي التاريخي على طريق الحرير .

تعود العلاقة بين الطرفين إلى عهد السلطان الصفوي الشاه محمد سلطان خودابند إثر الصراع مع الدولة العثمانية , الذي بعث ممثل عنه إلى القيصر الروسي طالبا منه العون ضد الأتراك مقابل تنازله عن منطقتي باكو ودربند . ليختتم عهده بتنظيم العلاقات الدبلوماسية بين البلدين .

ومع توسع روسيا القيصرية في عهد بطرس الأكبر  وطموحاته في تحويل طرق التجارة بين آسيا و أوروبا  إلى روسيا بدلًا عن الإمبراطورية العثمانية ، وكذلك السيطرة على تجارة الحرير الإيراني وحاجتها للتوسع جنوباً باتجاه المياه الدافئة كونها حققت أقصى اتساع لها غربًا

بدأ التوسع الروسي في الأراضي الإيرانية وبحكم هذا التوسع والأطماع الاستعمارية للدول الكبرى في هذه البقعة المهمة من منطقة الشرق الأوسط اتسمت العلاقات الايرانية ـ الروسية بطابع المد والجزر الكبيرين ،  فقد وصل بها التوتر أحيانا إلى درجة تبلغ حد اغتيال السفير  الروسي عام 1829 وجميع اركان السفارة في طهران ، وعلى العكس من ذلك بلغت من القوة و المتانة إلى درجة أن الشاه القاجاري مظفر الدين كان يتجول في أوروبا على حساب القروض الروسية لا غير , دون أدنى حرج .

ومع قيام الثورة البلشفية وانتصارها بدأ تأثيرها يمتد إلى الأراضي الإيرانية , وانعكس ذلك بدايةً في الحركة الجنكلية  المسلحة في كيلان , بل تعدى ذلك إلى تأسيس مجالس للسوفيتات سميت “أنجمن” كما حدث في رشت و أنزلي و كرمنشاه , و في مؤتمر شعوب الشرق [الذي عقد في باكو أيلول عام 1920 بمبادرة من الكومينتيرن و شخص لينين] , بلغ عدد الفرس الذين حضروا المؤتمر 204 أشخاص ,ليحتلوا المرتبة الرابعة عدديًا بين القوميات والطوائف الخمس والأربعين الممثلة في المؤتمر .

عرف الغربيون كيفية استغلال هذا الواقع لصالحهم ليحاولوا عبر عملائهم في دائرة الحكم الإيرانية أن يزعزعوا العلاقات بين البلدين ،, ففي العام 1918 رفض رئيس الوزراء الإيراني وثوق الدولة “رجل الإنكليز الأول” الاعتراف رسميًا بالبعثة السوفيتية .

أيضًا كان لحلم استعادة الأراضي التي فقدتها البلاد جراء حملات توسع  روسية القيصرية , أثر في توتر العلاقة بين البلدين .

إلا أن الحكومة السوفيتية الفتية استطاعت التعامل مع كل ذلك بل والعمل على إقامة علاقات طبيعية وتعاونية مع الجوار . فقد تنازلت في العام 1921 بموجب معاهدة بين الطرفين عن جميع الحقوق والامتيازات التي ورثتها عن روسية القيصرية في إيران دون مقابل [و التي قُدِّرَتْ آنذاك بنحو 100 الف روبل ذهب] , كما حددت هذه المعاهدة العلاقة بين البلدين بعد ذلك.

وبعد هذه المعاهدة قدم الاتحاد السوفيتي المساعدات لإيران بغرض تطوير صناعتها، فتم في عام 1924  تأسيس عدد من المؤسسات والجمعيات المشتركة بين الاتحاد السوفيتي وإيران على غرار المصرف التجاري الروسي الفارسي، وجمعية التصدير والاستيراد الروسية الإيرانية .

وفي العهد البهلوي , اتبع رضا شاه بهلوي بدايةً , سياسة المحافظة على علاقات جيدة مع السوفييت , غير أن هذا تغير في ثلاثينيات القرن الماضي , وأصبحت إيران مركز للدعاية الإعلامية ضد الاتحاد السوفييتي , واستهدفت السلطات الإيرانية كل من له صلة مع السوفييت في إيران, و رفض رضا شاه توقيع اتفاقية تجارية جديدة مع الاتحاد السوفياتي ، وتطلع إلى الاقتراب من ألمانيا.

و شهد عام 1941 تعاون عسكري بين ألمانيا وإيران , تجلى بنقل 11 طنا من السلاح الألماني إلى إيران بشكل سري , و أُنشأت مستودعات للأسلحة والمتفجرات شمال إيران، لتدخل على إثر ذلك , القوات السوفيتية والبريطانية إلى إيران  من العام نفسه , بعد رفض الأخيرة وقف التحرك العسكري الألماني على أراضيها ، ولم تغادر القوات السوفيتية حتى عام 1946 , خوفًا من وقوع عدوان من الجانب التركي.

و في العام 1947 أعلنت إيران موقفًا رسميًا معاديًا لاتحاد السوفيتي , لتنظم إلى المعسكر الغربي , بعد عقد اتفاقية البعثة العسكرية الأمريكية , والتي كان لها أثر في  زيادة سيطرة المستشارين العسكريين الأمريكيين على الجيش الإيراني.

استمر تذبذب العلاقات من توتر إلى استقرار , بين إيران والاتحاد السوفييتي , في عهد محمد رضا شاه

حتى قيام الثورة الإيرانية عام 1979 , وسقوط الحكم البهلوي , والذي شكل ضربة تلقتها الولايات المتحدة , وأدى إلى نشوء خلل بحركة التوازن الاستراتيجي في الشرق الأوسط لصالح الاتحاد السوفيتي , خاصة وأن الحزب الشيوعي الإيراني كان من دعائم هذه الثورة .

 و بعد الاعلان عن قيام الجمهورية الإسلامية , طغى الفتور على العلاقات بين البلدين , خاصة مع إعلانها أنها لا شرقية و لا غربية , حتى قيام الحرب العراقية الإيرانية . و التي صاحبها توتر في العلاقات بسبب الدعم السوفيتي للعراق , لكنها ما لبثت أن تحسنت , قبل نهاية الحرب بعامين , حيث تم توقيع عدة اتفاقيات تجارية واقتصادية بين الطرفين في الأعوام 1986 و 1988 , و أصبح الخطاب الإيراني اتجاه روسيا خطابا وديا , وأعلن الخميني رغبته في تحسين العلاقات مع الروس , وزار رفسنجاني موسكو عام 1989,  أجرى فيها عدة اتفاقيات بقيمة 10 مليارات دولار مع الجانب الروسي.

و بعد تفكك الاتحاد السوفييتي , تعمقت العلاقات الثنائية بين روسيا وإيران , مع تخلي موسكو عن نهجها السوفييتي , و اعتماد نهجٍ أكثر براغماتية , و انشغالها في ترتيب بيتها الداخلي , وعدم اشتراكهما بنفس الحدود السابقة . أزالت هذه العوامل مخاوف طهران , و أدت إلى تعزيز العلاقات بين الطرفين وخاصة الاقتصادية منها.

كان اعتماد موسكو الأساسي على صناعة الأسلحة للنمو الاقتصادي ، وكانت إيران مهتمة للاستفادة من هذه السياسة . حيث واصلت روسيا توريد الصناعات العسكرية إلى إيران ، كالدبابات والذخيرة . و ساعدتها في بناء مصانع إنتاج الدبابات وناقلات الجند المدرعة .

 ومع ارتفاع أسعار النفط أواخر التسعينات , بدأ الكرملين يرى أن إيران هي الجانب الأكبر للصادرات الروسية اكثر من أي وقت مضا .

 وكان لتوجه موسكو للاهتمام بشكل أكبر بالجغرافيا السياسية , و خاصة أوراسيا , و ما حتمته الضرورات الأمنية  عليها , للتقليل من مستوى التهديدات المحتملة في خاصرتها الجنوبية , و للحيلولة دون بلوغ الإسلام السياسي ذروته في آسيا الوسطى ,أثر في دفعها للتنسيق مع الدول الإسلامية ذات التأثير في تلك المنطقة، في إطار تلاقي المصالح الأمنية التي تفرضها قواعد الجغرافيا والديموغرافيا و منها إيران لما لها من علاقات عرقية , لغوية و الدينية , و ذلك عن طريق بناء تحالف وتعزيز العلاقات معها , لتكون درعاً للدفاع في المنطقة الجنوبية من روسيا .

وفي تشرين الأول 2000 , عملت موسكو على استكمال عمليات البناء , في المفاعل النووي الإيراني في بوشهر , بعد أن تخلت عنه شركة سيمنز الألمانية , إبان قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 . كما ألغى بوتين من جانب واحد , اتفاق [غور / تشيرنوميردين] , الذي كانت وقعته روسيا مع الولايات المتحدة في العام 1995 , بغية إنهاء كل أشكال التعاون الروسي مع إيران بحلول العام 1999, في مقابل تعاون أمريكي , و تبادل خبرات بين الجانبين , فيما يتعلق بتكنلوجيا الدفاع .

بحلول العام 2001 , أصبحت إيران ثالث أكبر مستهلك للسلاح الروسي في العالم , بعد الصين والهند. وفي ذلك العام أيضا , وقعت إيران عقد شراء 30 طائرة نقل عسكري من طراز ( 8 – Mi ) الروسية .

إلا أن التحوّل الحاسم في العلاقات بين البلدين , ظهر مع بداية ولاية فلاديمير بوتين الرئاسية الثانية عام 2005 , عندما بدأت السياسة الروسية , الاتجاه نحو استقلالية فيما يتعلق بالشرق الأوسط , و زار بوتين الأراضي المحتلة , ورغم الضغوط الغربية التي تعرضت لها روسيا لوقف التعاون مع إيران نتيجة برنامجها النووي , وقعت إيران وروسيا في هذا العام , وللمرة الأولى , على صفقة تسليح ضخمة , بقيمة مليار و400 مليون دولار . تلقت طهران بموجبها 29 منظومة صواريخ فعالة للدفاع الجوي  طراز «تور إم ــ1» , وتقوم موسكو بموجبها أيضاً بتحديث الطائرات الإيرانية العسكرية من طراز «سوخوي ــ24» و«ميغ ــ29».

كما قامت روسيا أيضاً , بصنع وإطلاق أول قمر اصطناعي إيراني إلى الفضاء [سيناه 1] , مخصص لمراقبة الموارد الطبيعية والإنذار من الكوارث الطبيعية .

كذلك تتمتع إيران بموقع استراتيجي مطل على بحر قزوين المتميز بثروة نفطية ضخمة من الممكن أن تجعل منها منافساً قوياً لنفط الخليج لاحقًا. وتتضارب الأرقام والنسب المتعلقة بحجم الاحتياطي الموجود من النفط والغاز في بحر قزوين نظراً لاختلاف المصادر , وبالنسبة لتقدير حجم الاحتياطات النفطية فقد اختلف الخبراء في تقديرها وإن اتفقوا على أن ترتيب المنطقة تأتي عالميًا بعد منطقة الشرق الأوسط وقبل بحر الشمال من حيث الاحتياطات ، و يحتوى على ما يتجاوز 68 مليار برميل، فيما ترى تقديرات أخرى أنه يأتي في المرتبة الثالثة بعد الخليج العربي وسيبيريا، وأن الاحتياطات تقدر ما بين 12 و 15 بليون برميل من النفط.

بدأ التنافس الدولي للسيطرة على تلك المنطقة في النصف الثاني من التسعينات، من خلال محاولة الولايات المتحدة إبرام عقود نفطية مهمّة مع جمهورية أذربيجان على حساب النفوذ الروسي والإيراني و هو ما استدعى ردود فعل صاخبة في الأوساط السياسية في موسكو وطهران حيث اعتبر الإيرانيون التدخل الأمريكي في بحر قزوين خطأ تاريخياً ارتكبته أذربيجان . فيما كان ردّ فعل روسيا على ذلك أكثر حدّةً، على لسان الرئيس بوريس يلتسين، الذي هدّد بالتصدي لأيّ نفوذ أمريكي محتمل في القوقاز .

وفي العام 2018 توصلت الدول المتشاطئة للبحر إلى  اتفاقية وُصفت بالتاريخية، تحدد الوضع القانوني لهذا البحر الغني بالثروات لأول مرة منذ انهيار الاتحاد السوفياتي . تضمنت في أحد بنودها نص يمنع الدول الأخرى غير المطلة على قزوين من نشر قوات عسكرية في البحر .

تنظر روسيا إلى الملف النووي الإيراني من منظور الصراع مع الغرب فهي بطبيعة الحال تشترك معها بالعدائية مع الغرب و تناديان بضرورة تبني نظام عالمي متعدد الأقطاب .

فقد أيدت روسيا طموحات إيران النووية السلمية وواكبت برنامجها النووي منذ بداية انطلاقه زمن الشاه .

 أحبطت روسيا عدة مرات , محاولات أميركية لفرض عقوبات شديدة على إيران لبعض الوقت , و عارضت  بشكل قاطع استخدام القوة ضد ايران لمعالجة الملف النووي بعد تهديدات أمريكية وإسرائيلية في العام 2005. لكن ما وتر العلاقات آنيًا بين الجانبين الروسي والإيراني , هو فشل الأخير في اتخاذ خطوات مهمة , تظهر فيها استعدادها لمواصلة الحوار مع المجتمع الدولي بخصوص البرنامج النووي , وبينما كانت روسيا تبعث برسائل تطمينية للغرب , بخصوص البرنامج النووي الإيراني , كانت طهران تبني منشآت سرية في موقع فوردو , وربما يكون هذا هو السبب الرئيسي خلف تأييد روسيا لقرار مجلس الأمن رقم 1929 الصادر عام 2010 , و الذي يفرض عقوبات على طهران . و في هذا العام أيضا , رفضت موسكو تزويد طهران بمنظومة صواريخ “أس 300” الدفاعية , [دون فسخ الإتفاقية ] , أثار رفض موسكو حينها استغراب الكثيرين , وظهرت عدة تفسيرات لذلك , منها أنها جاءت بناءاً على طلب اسرائيلي , في مقابل وقف الاخيرة تقديم السلاح لجورجيا , وأخرى عللت أنها جاءت بعد اتفاقية أبرمت مع الولايات المتحدة , مقابل عدم تدخلها في موضوع انضمام روسيا لمنظمة التجارية العالمية .

لكن موسكو بررت موقفها آنذاك , لأن هذا النوع من الصواريخ , مشمول في قائمة المحظورات الرابعة , الذي فرضها مجلس الأمن الدولي في حزيران من نفس العام .

من زاوية أخرى فيمكن أن نعيد سبب تأييد روسيا للعقوبات إلى محاولة تقنينها – العقوبات – لاقناع إيران بذل المزيد من التعاون مع المجتمع الدولي .

 مع بدء المفاوضات بين إيران والمجموعة الدولية 5+1 لعبت روسيا دورا مهما فيها إلى أن انتهت بتوقيع اتفاق نووي في فيينا في يوليو 2015 , قبل أن يتم نقضه من قبل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب , والذي لاقى إدانة واسعة من قبل روسيا وبقية المجموعة الدولية.

عزز الملف النووي العلاقات بين الجانبين الروسي والإيراني  وأضحت روسيا بالنسبة لإيراني شريك يمكن الاعتماد عليه

وعزز دور روسيا عالميا كونها قطب أساسي لأجل أي أزمة عالمية .

شكلت الاحتجاجات التي انطلق في سوريا ربيع 2011 , ساحة جديدة للتعاون بين الروس والإيرانيين , رغم تباين بعض أهدافهما , إلا أن ما يجمعهما أكبر مما يفرقهما .

في آب 2011 وبعد زيارة لموسكو التقى فيها وزير الخارجية الروسي صرح وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي بأن [ التطورات في سوريا فتحت صفحة جديدة في العلاقات الإيرانية الروسية والتي ستتطور إلى الأمام وفي مختلف الميادين ].

فرفض التدخل الغربي وخاصة الأمريكي في المنطقة , والخوف من انتقال سوريا إلى المعسكر الغربي فيما لو نجحت الاحتجاجات المدعومة غربيا بالإطاحة بنظام الحكم في سوريا, وما يشكله ذلك من خسارة لكلا الجانبين

فايران ستخسر حليفًا و ممر استراتيجي يربطها بالمتوسط و حزب الله في لبنان ,وروسيا ستخسر القاعدة الوحيدة والتواجد الوحيد لها خارج أراضيها وفي المياه الدافئة والحليف الوحيد لها في المنطقة .  إضافة لذلك فالحفاظ على وحدة التراب السوري , و النظام السوري مع اجراء بعض الإصلاحات في أركانه . والمخاوف الأمنية المشتركة من الجماعات الارهابية وضرورة محاربتها في سوريا ,هي الأهداف المعلنة المشتركة لكلا الجانبين .

كذلك فكلا الجانبين يرى أن الطريقة الوحيدة لحل النزاع السوري هي الحوار الداخلي دون تدخل أي طرف خارجي .

لم تتدخل روسيا عسكريا في سوريا منذ البداية على العكس من ايران التي زودت النظام السوري باستشاريين عسكريين دعماً له في المعارك التي كان يخوضها ضد فصائل المعارضة والجماعات الجهادية , بل ساندت هذا التدخل عن طريق موقفها السياسي في مجلس الأمن الذي كان ضد القرارات التي كان من الممكن أن تكون مظلة قانونية لتدخل عسكري غربي في سوريا .

ومع تصاعد الخسائر التي منيّ بها النظام السوري  و الميليشيات المساندة له في سوريا , كان التدخل العسكري الروسي , بتفاهم واضح مع الجانب الإيراني “وبطلب منه” كما أكد ذلك حسين شريعتمداري رئيس تحرير جريدة كيهان و ممثل المرشد الأعلى الإيراني فيها .

وشهد التنسيق العسكري والأمني تطورا واضحا في سوريا بلغ حد استخدام القواعد الإيرانية من قبل الطيران الروسي لضرب أهداف في سوريا , كما حدث عند استخدام قاعدة نوغه في همدان . وهو ما دل على القدرة الروسية في تشكيل أحلاف جديدة في الشرق الأوسط .

فالتكامل بين ايران وروسيا في سوريا كان واضحًا , فإيران كانت تحتاج من روسيا فيتو في مجلس الأمن ليؤمن عدم تدخل عسكري غربي مباشر في سوريا , بالإضافة لاحتياجها للطائرات الروسية التي دعمت موقف إيران العسكري في سوريا، في المقابل احتاجت روسيا الوجود الإيراني البري والقوات الحليفة المدعومة من طهران التي تقاتل إلى جانب النظام السوري.

كما ظهر التنسيق السياسي بين الروس والإيرانيين

 في اجتماع آستانة ما نتج عنه من اتفاقيات خفض التصعيد التي سهلت بشكل آخر إعادة سيطرة النظام السوري على أكثر من 60٪؜ من مساحة سوريا .

أثمر التنسيق الروسي الإيراني في سوريا والذي جاءت متكاملاً في كل جوانبه ميدانيا وسياسيا , فقد أعاد النظام السوري سيطرته على جميع المناطق التي خسرها سابقا لصالح المعارضة والتنظيم داعش .

وعلى الصعيد آخر  بدأت بعض الدول العربية إعادة العلاقات الدبلوماسية مع سوريا وعلى رأسها الإمارات العربية , و لاحقًا من الممكن مصر و السعودية .

كذلك أظهر هذا التعاون فشل المخططات والتحالفات الغربية , بل وأظهر عجزها الواضح في سوريا رغم عدم انتهاء الصراع فيها .

ومن خلال هذه المراجعة لا يسعنا الختام إلا كما قال المفكر ألكسندر دوغين “إن التحالف بين إيران وروسيا لا غنى عنه من أجل إقامة أوراسيا قوية ومستقلة وآمنة ومستقرة , فبإمكان العلاقة الإيرانية الروسية أن تتطور إلى مستوى أهم تحالف موجود بل ينبغي عليها ذلك, لتتمكن إيران من الدفاع عن نفسها ضد القوى الإمبريالية في الغرب , وفي الوقت نفسه السماح لروسيا بالانضمام إلى المياه الدافئة التي كانت دائما الهدف الرئيسي لسياستها الخارجية”

كاتب سوري


وضع تعليق

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا